Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
8 décembre 2014 1 08 /12 /décembre /2014 16:15

قال محمد الغيلاني أستاذ الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، والمتخصص في سوسيولوجيا الحركات الدينية، إن الإسلام كفل حرية المعتقد، ويبقى الجدل هو تأويل هذه الحرية وكيفية ممارستها ومجالات تطبيقاتها على المستوى الاجتماعي والقيمي، مبرزا أنه من الصعب من الناحية السوسيولوجية، القول إن المجتمع المغربي متسامح أو العكس، لأن الأمر بحاجة إلى دراسات في هذا السياق.

أثير في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان المنعقد أخيرا بمراكش موضوع حرية المعتقد، والذي أثار خلافات كبيرة، ما تعليقك؟
من حيث المبدأ لا يستطيع المجتمع إنكار حرية المعتقد، لأن هذه الحرية مكفولة في الدين نفسه (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر). بهذا المعنى ليست هذه الحرية موضوع اختلاف، غير أن الجدل قائم حول تأويل هذه الحرية وحول كيفية ممارستها ومجالات تطبيقاتها على المستوى الاجتماعي والقيمي. قد يختلف علماء الدين في نظرتهم لحرية المعتقد وقد يجدون في ذلك مدخلا لتهديد نمط التدين الأكثر انتشارا، وهم فعلا متحفظون في هذا الجانب لأن جوهر خطابهم يقوم على مبدأ وحدة العقيدة. والحق أنه لا يمكننا إنكار وجود بنية تدين راسخة على مستوى الخطاب والسلوك.
هناك مستويات خمسة لفهم جوهر الخلاف في موضوع حرية المعتقد:
أولا- الخطاب الديني الرسمي.
ثانيا- الخطاب الديني الفقهي.
ثالثا- الخطاب الديني الحركي (الذي تتبناه الحركات الدينية).
رابعا- الخطاب الديني الاجتماعي.
خامسا- الخطاب الحقوقي في موضوع الدين.
إن حقل الصراع اليوم هو على مستوى الهيمنة على التأويل وعلى الهيمنة على التدين. كل ممارسة دينية أو اجتماعية أو سياسية هي بحاجة إلى تأويل خطابها وتبرير سلوكها، نحن هنا إزاء صراع حول المشروعية والهيمنة.
تندرج المستويات الخمسة، التي أشرت إليها، ضمن إستراتيجيات قد تتقاطع وقد تتمايز أو تتضارب بحسب الرهانات التي تقوم عليها المبادئ والقيم التي يؤمن بها الفاعلون الاجتماعيون انطلاقا من اعتبار الدين ساحة صراع. لم يعد الدين اليوم قضية شخصية تنتمي لاختيارات الفرد وذات صلة بحياته الخاصة. هذا الجدل القائم يعيد الدين إلى الواجهة عبر المطلب الحقوقي، وكلما انتزع الدين من الفرد، كلما ارتفع منسوب هذا الجدل. إن نزع الدين من مجاله الطبيعي يجعل منه فرصة لممارسة الهيمنة سواء باسم الدين نفسه أو باسم السياسة أو باسم الخطاب الحقوقي، وهنا تكمن برأيي خطورة هذا التوظيف. ليس هناك قوة بإمكانها أن تغير عقائد الناس وأنماط تدينهم وقناعاتهم الميتافيزيقية، وحدها الصيرورة الاجتماعية الكفيلة بإرساء قوانين اجتماعية ترسم حدود القيم الجديدة وتلفظ القيم المتلاشية. قد يغير الفرد دينه من دون أن يفقد المجتمع تدينه. ولا يمكن أن نجد رابطة سوسيولوجية بين التدين الفردي والتدين الجماعي. لأن المجتمع ليس مجموع الأفراد بل هو حصيلة تفاعل قوى ضمن صيرورة علاقات اجتماعية معقدة. ولذلك قد تتغير القوانين وقد يتغير نظام الحكم غير أن تغيير تدين الناس لا يتحكم فيه قرار ما أيا كان مصدر هذا القرار. ولذلك أيضا على كل الفاعلين أن يدركوا أن التلاعب بالتوازنات السوسيودينية فيه مخاطرة كبيرة.
هل فعلا المغرب متسامح مع من تخلى عن الإسلام واعتنق ديانة أخرى، مثلا المسيحية؟ وما رأيك في تصريح لرئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي أكد فيه أن المغرب في حاجة إلى بناء كنائس جديدة، تجنبا لإكراه المهاجرين الأفارقة على التعبد في الأماكن السرية؟ وهل يمكن أن يكون له تأثير على انتشار المسيحية لدى المغاربة؟
أفهم من سؤالك أنك تقصد هل المجتمع المغربي متسامح؟ وهذا سؤال صعب من الناحية السوسيولوجية، نحن بحاجة إلى دراسات في هذا السياق. والموضوعية تقتضي أن نثير هذه الصعوبة على أكثر من صعيد. التسامح مبدأ ديني وفلسفي، وقد أثير بإلحاح في المجتمعات التي عاشت حروبا دينية. وقد ساهم الفلاسفة في بلورة أطروحات تستوعب هذا المبدأ تفاعلا مع التجربة الخاصة بهذه المجتمعات. طبعا المجتمع المغربي لم يعرف حروبا دينية. لكن مبدأ التسامح الديني موضوع مثار هنا وهناك ولدواع وخلفيات متنوعة ومتناقضة أيضا. هناك مغاربة أعلنوا اعتناقهم لأديان محددة وهذا معروف، بل هناك من أعلن عن ذلك علانية، بالصوت والصورة، ومع ذلك ظلت هذه الواقعة في حدود الجدل الإعلامي في أحسن الأحوال. قد يكون المقصود هنا تحديدا الحق في ممارسة القناعة الدينية داخل مجتمع يعتقد بدين مختلف، وهذا يطرح فعلا مشكلات حقيقية قانونية وسياسية وحقوقية وسوسيولوجية. السؤال الأساسي هل نملك إحصائيات دقيقة؟ لكن أن نبرر الدعوة إلى بناء الكنائس استجابة إلى تصاعد أعداد المهاجرين الأفارقة، تفاديا لإكراه هؤلاء على التعبد السري، فإن هذا يعد تبريرا متهافتا أو على أقل تقدير تفسيرا غير جدي. المشكلة ليست في بناء الكنائس أو المعابد فهي موجودة ولا تثير مشكلة. لكن دعنا نتساءل: هل وجود المساجد مثلا سيمنع المجموعات الاجتماعية من ممارسة تدينهم بشكل سري؟ هل جميع المتدينين المغاربة يمارسون شعائرهم داخل المساجد؟ هذه رؤية تبسيطية وسطحية لمشكلة أكثر تعقيدا، ولا أفهم لماذا نصر على تعليب المقدس في الحجر والإسمنت. إن المقدس يسكن في مكان آخر، في أعماق الضمير الجمعي.
< في الفقه الإسلامي هناك تيار يدعو إلى قتل المرتد، ما تعليقك؟
< لعلك تعلم أنني لست فقيها ولا أستطيع ادعاء ذلك. لكن إن كان هناك من يدافع عن جواز قتل المرتد فالأجدر التأكد أن المرتد كان أصلا على دين الإسلام. ما أفهمه أن الله وحده صاحب سلطة الحكم على إيمان عباده، وإن كل تدخل بشري في هذه السلطة هو شرك بالله نفسه وهذا منصوص عليه في الإسلام. ولك على ذلك مثالا في مجال آخر: عند إقامة الحد على الزاني لابد من توفر شروط جد صارمة، على رأسها الاعتراف الطوعي بالجرم، لكن في حال تعذر الاعتراف فلابد من وجود أكثر من شاهد، وأن يقدم الشاهدان أدلة قاطعة على ادعائهما ثبوت فعل الزنا وإن عجزا عن ذلك يقام عليهما الحد، بدلا من أن يقام على المتهم. في الإسلام لا يمكن إطلاقا إثبات جرم الزنا إلا في هذه الشروط، عمليا لا يمكن إثبات الزنا إلا بالتجسس، وهو أيضا محرم في الإسلام، هناك مبدأ معروف في الإسلام: إذا ابتليتم فاستتروا، أي لا تعلنوا الفاحشة. إن الإسلام يقاوم إعلان الفاحشة، لكنه لا يدعي استحالة حصولها، وهو بهذا المعنى يطالب الفرد باحترام المجتمع فقط. فكيف نطبق حد الردة في ضوء هذا المثال؟ على أي أساس؟ تحت أي مبرر؟ من يحق له الحكم بالردة؟ والحال أن الزنا واقعة اجتماعية أخلاقية بيد أن الردة واقعة إيمانية، وهما معا يشتركان في مبدأ الخصوصية. سوسيولوجيا لا يمكن تطبيق الشريعة إلا في مجتمع يؤمن بالإسلام على أساس تعاقد يخضع لشروط صارمة، وهناك فرق بين أن تكون مؤمنا أو وارثا لدين. إن الإسلام قائم على الاختيار وكل فرد مسؤول عن اختياره ولا توجد قوة أو مؤسسة أو مرجعية أو إمارة يحق لها قتل الناس على أساس ديني أو الدعوة إلى ذلك.
كيف ترى تنامي المد الشيعي بالمغرب، وهل فعلا نجح هذا المذهب في وضع قدم له بالمغرب؟
منذ أزيد من عقد من الزمن طرح علي السؤال نفسه، قد يتصور الناس أن هناك فعلا “مدا شيعيا” في المغرب، لكن ماذا تقول الإحصائيات؟ كلها متضاربة وغير دقيقة ولا يمكن الوثوق بها. هذا لا ينفي وجود مجموعات هنا وهناك تتبنى الإسلام على عقيدة المذهب الشيعي. لكنها مجموعات هامشية وعاجزة عن إحداث الاختراق الاجتماعي والسياسي بالأحرى الديني. وإذا كان هذا التدين يزعج البعض فهل نبيدهم ونتخلص منهم؟ اليوم لا يمكن أن نمنع الناس من التعبير عن مواقفهم الوجودية، وليس هناك من خيار سوى الحوار والانفتاح والتفهم والاعتراف. كل معالجة أمنية أو مذهبية ستترك آثارا اجتماعية سلبية، يوجد الإيمان حيث لا يمكن استئصاله. إنه الدرس الكوني الذي يجب أن نستوعبه في مجتمع القرن الواحد والعشرين.
اتركوا الناس يتدينون كما يبدو لهم وامنحوهم الحرية. لسنا في مجتمع لنعيش جنبا إلى جنب بل لنعيش معا، وهذا تمرين حضاري يحتاج إلى مجتمع متعلم ونخب مدنية.
كيف ترى الوجود اليهودي بالمغرب؟
لا أعتقد أن هناك مشكلة مع اليهود المغاربة، فهم جزء من النسيج الاجتماعي وكغيرهم من المغاربة لهم حقوق وعليهم الواجبات نفسها. المبدأ هنا هو الوطنية، والإخلاص إلى الانتماء والعمق الحضاري. ولا نملك إلا أن نفتخر بمثقفين من أمثال إدموند عمران المليح ومناضلين من قبيل سيون أسيدون. لست هنا في موقع تقديم الدروس في الأخلاق والوطنية لكن هناك اعتبارات وطنية وقومية تجعل البعض يتحسس من موقف اليهود المغاربة من القضية الفلسطينية وأعتقد أن بإمكان اليهود المغاربة أن يجتهدوا أكثر وأن يوظفوا إمكاناتهم ومواقعهم لدعم الفلسطينيين ورفع الظلم والاستئصال الذي يتعرضون له منذ تأسيس الكيان الصهيوني وأن يشاركوا بفعالية في مناهضة التطبيع من خلال تأسيس هيآت وطنية ومدنية لهذا الغرض، وبإمكانهم أن يقودوا حملات توعية بالحق الفلسطيني بين يهود العالم وحثهم على وقف كل دعم لكيان عنصري استيطاني يسيء إلى اليهود قبل أن يسيء إلى غيرهم. كما بوسعهم أن يساهموا مغاربة في تجويد الاقتصاد الوطني ومثقفين في إشعاع الثقافة المغربية.
أجرى الحوار : مصطفى لطفي

Partager cet article
Repost0

commentaires

Présentation

  • : ghafriyat غفريات
  • : Agis et ne laisse personne décider à ta place, tu es maître de ta vie et de tes choix
  • Contact

Recherche