Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
29 juin 2012 5 29 /06 /juin /2012 18:49

20.02.

20 فبراير

التحول الديمقراطي

 

                                               بقلم: محمد صلحيوي

إن الدعوة لعقد لقاء وطني لحركة 20 فبراير يومي 7-8 يوليوز، بالغة الأهمية، رغم تأخرها، الذي تأتى بعد مرور قرابة سنة ونصف على انطلاقتها، ورغم ذلك، فعقد اللقاء أجدى وانفع من عدمه، فيأتي أحسن من إن لا يأتي، فما لا يدرك كله لا يترك بعضه، كما يقول فقهاءنا القدامى، ومن الكثير الأقل لكن الأفضل كما يقول هيجل، وتفعيل الجزء هو أساس الوصول إلى الكل، كما يرى الفيتناميون. إذن عقد اللقاء الوطني أفضل ما يمكن الآن، لاعتبارين اثنين: شكلي: إذ الدعوة موجهة لجميع مناضلي ومناضلات الحركة، فهو أول لقاء بينهم، ومضموني: إذ ستكون الحركة هذه المرة مواجهة لنفسها، وذلك بالطرح التفاعلي لتجارب التنسيقيات . والفقرات أدناه تتدعي لنفسها المساهمة - ولو عن بعد- في طرح قضايا تجربة 20 فبراير، وبهذا الادعاء فان الصرامة المبدئية والوضوح مع الذات والآخر مطلوبان ولازمان.

في تاريخية الحركة

لا يمكن لأي مهتم فهم طبيعة حركة 20 فبراير فهما موضوعيا وواقعيا، بدون وضعها في إطارها التاريخي الملموس، فقط داخل التاريخ لا خارجه ، يمكن فهم وتحليل طبيعة حركة كبرى من حجم 20 فبراير، لكن ما المقصود  بالإطار التاريخي الملموس؟

إن الكثيرين ممن انطلق مع انطلاقة حركة 20 فبراير في كتابة المقالات وإطلاق التصريحات المبجلة والمادحة للشباب والشابات، تراهم اليوم جالسين في المقاهي يتناولون قهاويهم ويدخنون سجائر المالبورو لحظة خروج 20 فبراير في مسيراتها، أو تراهم وقد انزووا في مجالس خاصة بهم يلوكون الكلام ويسدون النصائح، جميع هؤلاء وأولائك، فهموا الحركة وجماهيريتها (= اجتماعيتها) فهما ميكانيكيا، لا جدليا، فهم يستحقون عن جدارة نعت التفكير الشعبوي.

وهناك من يداوم الخروج في المسيرات، ويردد الشعارات، ينتقد الصنف الأول، لكنه يسقط في براثن الدغمائية، إن تجريد الشعارات والمواقف من طبيعتها الاجتماعية(= الطبقية) قادهم إلى أحضان الميثالية. ففي حالة النزعة الدغمائية المشاركة في المسيرات يتم الهروب إلى الأمام بالتطرف الشعاراتي والمزايدة اللفظية. إن الشعبوية والدغمائية خاطئتان، فهي لا ترى حركة 20 فبراير إلا بمئات الآلاف وتكون صدامية، أوفي جبتها التنظيمية، أنهما منطقان لا تاريخيان. إن تاريخية 20  فبراير لا ترتبط بالكم الجماهيري – رغم أساسيتها لأنها المعنية الأولى والأخيرة بالتغيير- و لا بطبيعة الشعارات، في حد ذاتها، لأن رفع الشعارات الراديكالية لفظيا لم يعطي الزخم المطلوب، إن تاريخية الحركة يتحدد بالمضمون الاجتماعي الطبقي الذي تعبر عنه، وبالسقف السياسي الذي ترفعه.

لنستحضر بعض النماذج من تجارب الشعوب، فالحركة الوطنية المغربية حددت مطلب الاستقلال السياسي سنة 1944 ولم يتحقق جزئيا إلا في سنة 1956.

المغرب طرح مطلب استرجاع أجزائه التي بقيت تحت الهيمنة الاستعمارية جنوبا – الصحراء المغربية- وشمالا سبتة ومليلية والجزر – سنة 1975 ولازال الوضع لم يحسم بشكل نهائي وقطعي.

حركة التحرر الفلسطينية حددت مطلب تحرير فلسطين سنة 1974 وإقامة الدولة أواسط الثمانينيات وما زالت لم تحققه .

ربيع براك 1968 التشيكي حدد مطلب الديمقراطية، مع دوتشيك و فاتسلاف هافل، ولم يتحقق إلا أوائل التسعينيات.

المؤتمر الوطني الإفريقي حدد مطلب تصفية الميز العنصري أوائل الستينيات، ولم يتحقق المطلب إلا أوائل التسعينيات من القرن الماضي بقيادة نينسون مانديلا.

واضح إذن، أن الحركات التاريخية لا تقاس بمنطق الزمن الذي يتطلبه مطلبها حتى يتحقق، فحركة 20 فبراير تتأتى تاريخيتها من التحديد الدقيق والتاريخي للمطلب الذي يطرحه الوضع المغربي، والذي معادلته كالتالي: من جهة قطب المعادين للديمقراطية، والقطب التغيري بقيادة  20 فبراير من جهة ثانية، وهو التناقض غير المحلول ومادام التناقض غير محلول يبقى تناقضا مستمرا والحركة عندما انطلقت بشعار : حرية، كرامة، عدالة اجتماعية، وحددت لهذا الشعار  مدخلا حاسما هو الانتقال إلى نظام ملكية برلمانية، كوعاء دولتي، وبإسقاط الاستبداد سياسيا وبإسقاط الفساد اقتصاديا واجتماعيا ، فان حركة 20 فبراير وهي تحدد عناصر التحول، تشكل تطورا فارقا في تاريخ المغرب، فما بعد العشرين من فبراير غير ما قبلها، إنها أعلنت نهاية مرحلة كاملة وبداية أخرى، أنهت منطق الديمقراطية بالجرعات، أنهت منطق التدرج، وفتحت الأفق الواضح للديمقراطية وأن التغيير الشامل هو المطلوب.

2- في ديمقراطية حركة20 فبراير

السؤال الآن هو التالـي: إذن كانت حركة 20 فبراير حركة تاريخية باعتبارها نقطة فارقة بين مرحلتين، فما هو جوهرها الكفاحي والنضالي؟

من خلال تجربة الحركة الميدانية، اتضح وجود ميولات داخلها لم تستوعب وبشكل دقيق الدلالة التاريخية لانطلاقتها على أرضية تأسيسية واضحة ودقيقة، فسلكت – الميولات – شتى الطرق لتغيير الأرضية، أو توجيه شعاراتها صوب أهداف مناقضة لأهداف الحركة، والعطب الرئيسي لهذه الميولات كونها لم تعر أي اهتمام لطبيعة ولا لجوهر الحركة، بل، اعتبرتها مناسبة سانحة لمواصلة طرح رؤيتها القديمة، كيف ذلك؟

لا يمكن فهم الطبيعة الجوهرية للمرحلة الراهنة بدون معرفة ما سبقها، والمعروف أن المغرب دخل في تناقض حاد/ تناحري بعيد الاستقلال السياسي، طبيعة تلك المرحلة على المستوى الاقتصادي الاجتماعي اتسم بصراع بين الرأسمالية التبعية والرأسمالية الوطنية، وجوهر المرحلة سياسيا " الإصلاح أم الثورة" والمناضل الراديكالي آنذاك هو المنحاز إلى الثورة، انتهت هذه المرحلة أواسط السبعينيات برفع شعار النضال الديمقراطي  وعناوينه : التجربة الديمقراطية – المسلسل الديمقراطي- الهامش الديمقراطي-التجربة الانتخابية، وكانت الخلفية السياسية لرواد تلك الشعارات من قوى تقدمية ويسارية هو توفير الشروط الفكرية المطابقة (=الحداثة) لمسار التحديث المادي، والسمة الأساسية لهذه المرحلة هي التدرج وبناء القوة الجماهيرية لانجاز التغيير ، وفعلا تمكنت قوى التقدم من التغلغل والتوسع بشكل كبير داخل الطبقة الوسطى، إلا أن خذلانها أواسط التسعينيات من جهة، والطبيعة الانتقالية الكونية بعد انهيار جدار برلين من جهة ثانية، جعل المطلب الديمقراطي يعيش ترددات، وانطلاقة 20 فبراير وضعت حدا فاصلا ونهائيا لمنطق التردد والتدرج بطرحها القضية الديمقراطية طرحا واضحا، بآليته الدستورية وبمستلزماته السياسية بذلك دشنت مرحلة جديدة قوامها الديمقراطية الآن .

        إن الدلالة الجوهرية لحركة 20 فبراير أنها تعبر عن متطلب المرحلة، والذي بلورته الطبقة الوسطى بقيادة الشباب والشابات أبناء هذه الطبقة، والتي تحولت ميدانيا إلى حركة اجتماعية، وكل تشويش أو تحريف لمنطلقاتها هو من حيث العمق وعي لا تاريخي، إن صراع القطاع العام من اجل البقاء والاستمرارية ( المدرسة العمومية نموذجا) في مواجهة القطاع الخاص، هو من حيث التناقض الطبقي كالتالي : رأسمالية مغربية كبيرة وضعت نصب أعينها قطاعات الدولة الاقتصادية العامة، وهذا الصراع يدل عن انتقال عميق لهذه الرأسمالية من رأسمالية الدولة إلى رأسمالية الطبقة، والطبقة الرأسمالية البورجوازية، لا ترى إلا مصالحها الخاصة، على النقيض كلية من مصالح الطبقة الأخرى، ولأن قانون التناقض أكبر من البورجوازيين فانه افرز نقيض الرأسمالية أي الطبقات الشعبية الكادحة، ما الحل لهذا التناقض؟

إن الرأسمالية المغربية كما تمت الإشارة إلى ذلك لم تفرز فقط الطبقة البورجوازية ، بل قد أفرزت نقيضها الشعبي كذلك، من هنا يتحدد الأساس التاريخي الموضوعي لقضية الديمقراطية، والتي تعني في العمق، اعتراف الدولة السياسية بكل المكونات الطبقية للمجتمع المدني لا بالطبقة البورجوازية فقط، الأمر الذي يعني أن الدولة السياسية لا يجب أن تكون دولة الطبقة الواحدة، من هنا، يتحدد مضمون دولة الحق والقانون، إن الديمقراطية في هذه المرحلة اعتراف متبادل بين جميع الطبقات، فالاعتراف بحق البورجوازية في الملكية الخاصة يقابله اعتراف الأخيرة بحق طبقات الشعب الكادحة في الشغل وفي الأجور الملائمة وفي الحرية والكرامة الإنسانية والتوزيع العادل للثروة. وبالمدلول السياسي للمساواة أمام دولة الحق والقانون.

إن المضمون السابق من حيث المرحلة التاريخية والجوهر الديمقراطي . هو الذي تطرحه وتمثله حركة 20 فبراير وبالتالي، فإنها تحدد من هو اليساري الثوري الذي يتبنى بكل وضوح التغيير الحقيقي ميدانيا، وعطب مجموعة من اليساريين الآخرين كونهم يفكرون بمنطق "الإصلاح أو الثورة" ويطرحون شعارات من قبيل "إسقاط النظام" الذي لم تحدده الحركة ولم تحدده طبقته الوسطى لأنه ببساطة شعار ماضوي والتشبث به حاليا يوقع أصحابه في نقيض ما يناضلون من اجله، آلا وهو الالتقاء بالتيار اليميني المعادي للديمقراطية، إن جوهر الالتقاء هنا هو تأخير التغيير والديمقراطية. إن حركة 20 فبراير وهي بهذا الحسم تثبت الديمقراطية كاختيار للمرحلة .

في الأفق الفبرايري :

إن التشديد على البعد التاريخي لحركة 20 فبراير، والطبيعة الديمقراطية لنضالها، قصديته الأساسية ، تناول القضايا المرتبطة بدينامية الحركة، تناولا واضحا لا لبس فيه، منها، الضعف الجماهيري، والذي يجب التأكيد بصدده على أن :

* فتح قنوات الحوار مع المركزيات النقابية، عمل أساسي، ومسيرة الكرامة أولا، والمنظمة من طرف كدش و فدش، أكدت النفس النضالي للقواعد النقابية، وانحيازها إلى اليسار والتغيير، وبحضور مكثف لشعارات ومضامين حركة 20 فبراير.

* التواصل الباني مع الجمعيات الوطنية، وفي مقدمتها جمعيات المعطلين بالمغرب، للتأكيد على أن النضال الفئوي، ومهما كان مشروعا، لا يمكن أن يشق مسارات الحل، إلا داخل إطار شامل، وأن التاريخ يطرح في لحظة من لحظاته مهام على جيل اجتماعي، وهذه حالة المعطلين المغاربة حاليا، واعتبار التشغيل مسألة فئوية أو فردية، فيه الكثير من سوء فهم للمهام المطروحة.

إن الحوار مع الجبهتين السابقتين يفترض فحص الذات الفبرايرية، والإمساك الدقيق والصارم بنواتها العقلانية الصلبة المتمثلة في:

* إن التمسك باختيار الملكية البرلمانية، لا يعني "الحزب الاشتراكي الموحد" أو "الائتلاف" من اجل الملكية البرلمانية، بل تأكيد الاعتبار للطبقة الوسطى المغربية ودورها الراهن في عملية التغيير الديمقراطي بقيادة حركة 20 فبراير، والأخيرة لم تحدد الشعار كمدخل دستوري إلا تعبيرا عن طبيعة التناقض الواقعي، ومستلزمات انتصار الديمقراطية لحله، فقد يكون لمناضل، أو لجماعة سياسية معينة، أو لتيار ثقافي ما رأي مخالف، يصنف عادة في خانة الجذرية، فالمهم هنا هو العمل والاتفاق على الحلقة المركزية الراهنة مهما كانت اختلافاتنا وتقديراتنا.

* والمضمون السياسي للأرضية التأسيسية المعبر عنه من خلال شعارات 20 فبراير، إسقاط الفساد والاستبداد لا يجب أن يكون موضوع تقلبات نفسية وانفعالية في هذا الموقع أو ذاك، لأن الجوهري أيضا هو وضوح الرسالة التواصلية مع المحيط الذي يفترض موضوعيا أن يكون قاطرة التغيير والدمقرطة.

كل ما سبق يحتم التداول والتشاور في اللقاء الوطني وما سيأتي بعده بين جميع المناضلات والمناضلين على قاعدة الانتماء للحركة أدائيا، وليس على قاعدة التيارات أو الحساسيات، وهذا ما سيؤكد ما يلــي:

انطلقت الحركة شبابية وتطورت شعبية ويجب أن تكون اجتماعية من حيث البعد والجوهر، ما يستلزم الإقرار الواضح والذي لا لبس فيه بدور الشباب والمواطنين المقتنعين بأرضية الحركة غير المنتمين لأي تيار أو حزب تنظيمي.

البند السابق يتيح إمكانية التمسك بسلمية ومدنية الحركة ميدانيا وسياسيا وفكريا، لأن هذه العناصر الثلاث، هي القوة الحقيقية لحركة 20 فبراير، والتي أنتجها وسيطورها عقل الأرضية التأسيسية لشباب وشابات المغرب ذات يوم من أيام  20 فبراير 2011 .

      محمد صلحيوي

الناظور في : 29-06-2012

 

 

 

Partager cet article
Repost0

commentaires

Présentation

  • : ghafriyat غفريات
  • : Agis et ne laisse personne décider à ta place, tu es maître de ta vie et de tes choix
  • Contact

Recherche