Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
23 juin 2014 1 23 /06 /juin /2014 13:44

المدرسة العمومية:الإصلاح الذي نريده

 

                                                                                                       محمد صلحيوي

 

                                                                                                            عضو المجلس الوطني ك د ش

1-توضيح :

 

        تنفيذا لتوجيهات المجلس الوطني للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكدش، المنعقد يوم 31 ماي الماضي بالدار البيضاء، والقاضية في جانب منها بفتح حوار عام حول قضايا المدرسة والإصلاح، وذلك لتوضيح /نشر مضامين الشعار:"من أجل منظور ديمقراطي، عصري وحداثي لإصلاح التعليم"، لكل ذلك أساهم بهذا العرض المعنون "المدرسة العمومية : الإصلاح الذي نريده..." لداع تنظيمي وأخر تواصلي :

تنظيمي  : التفعيل الأدائي لمعنى الإنتماء/عضوية للجنة الإدارية للناقبة، تقريرا وممارسة.

تواصلي : الشعور بمسئولية توضيح وتحليل مضامين البيان الختامي للدورة باعتباره يحدد بوصلة تفكير وتصور النقابة الوطنية للمدرسة العمومية والإصلاح.

 

2- الطبيعة الإشكالية للموضوع...

 

1-2 :  تعيش المنظومة التعليمية أزمة عميقة وحادة، نتيجة فشل كل الإصلاحات المتعاقبة. أصبحت هذه الحقيقة دامغة لا سبيل لإنكارها، وكل من يحاول إنكار ذلك، او يلطف منها، إنما يعبر عن رأي محافظ جامد. لكن ما المقصود بأزمة التعليم؟  تلك هي المسألة كما يقول مفكر تقدمي...

 

2-2 : كثير من المثقفين والمحللين الذين يعلو صوتهم إعلاميا إبان كل لحظة مفصلية،دستور يوليوز2011 والبرنامج الإستعجالي، إذ عايشنا كيف يتحول الكثيرون إلى فقهاء دستوريين وإلى خبراء تربويين، هذا الصنف من المتكلمين يتسرعون في أحكامهم وتحاليلهم، خصوصا في قضية التعليم، ونراهم يدعون الى تجاوز المضامين الأيديولوجية والفكرية للتعليم نحو المضامين التقنوية لحل الأزمة. فهؤلاء إنما يعبرون عن جهلهم بطبيعة الأزمة، أو أنهم يمارسون الخداع الأيديولوجي.

 

3-2 :  لننطلق من هذه المسلمة، إن الأزمة تدخل في صلب كل المنظومات والبنى الإقتصادية والفكرية والسياسية، والتعليم باعتباره المنظومي والنسقي يعرف الأزمة خلال مراحل تطوره من حيث الحاجات والمتطلبات، والقانون الأرضي (=الطبيعي) بطبيعته المطلقة هو الحامل للأزمة في أحشائه ، ولأن التعليم ميدان تناقض الرؤى والمصالح المجتمعية، فإن إيجاد حل لتلك التناقضات مسألة حتمية،وهناك حل وحل.

لنعد طرح السؤال من جديد : ما طبيعة أزمة تعليمنا؟

 

4-2 :  هناك ضرورة التمييزما بين الجوهر العام الثابت، والشكل الخاص المتغير. ونتيجة هذا التمييز هي : من جهة نوعية الوطن الذي نريده مستقبلا بإنسيته المطابقة، وهذا جوهر وعام وثابت ، والشكل المتغير والنسبي لهذا الوطن والمواطن في كل مرحلة مرحلة من جهة ثانية. والوسيلة الوحيدة التي أنتجتها البشرية لبناء الأوطان والمواطنين هي التعليم. فنحن إذن أمام مستويين مختلفين نوعيا ، لكن موحدين وحدة الأضداد.

وهذا معناه أيضا أن العام والثابت والإستراتيجي المتمثل في مضمون شعار النقابة الوطنية للتعليم(ك.د.ش) "تعليم ديمقراطي عصري وحداثي" لا يمكن أن يكون ويتجسد ويتشخص إلا في النسبي المتغير الذي يمنحه صورته وتعبيره الملموس، وهذا هو دور الإصلاح التعليمي. فالعام لا وجود له خارج الخاص.

 

5-2 :  إن التناقض الذي تعيشه المدرسة العمومية الوطنية هو تناقض وصراع اختيارين تعليميين :

ا - اختيار محافظ وبكل المضامين التي عبرت عنها الإصلاحات المتعاقبة.

ب- اختيار النقابة الوطنية الحداثي والعقلاني بكل مضامينه المعبر عنها منذ عقود.

إن نقطة الأزمة بين التصورين هو التالي : من جهة، الطبقة السائدة لجأت ومنذ الستينات من القرن الماضي إلى منهجية التدبير المجتمعي تقنيا لمسألة التعليم،ومن جهة ثانية ، طبقات الشعب ممثلة في نقابات متبنية لاختيار تعليمي يبني المجتمع ويصوغه.

إن التقاطب السياسي والفكري الذي مثله ميدان التعليم ، كان تعبيرا عن تناقض الشكل التدبيري التقنوي الذي مثله البرنامج الاستعجالي مع الطموح المجتمعي الذي تمثله المدرسة العمومية كأساس للعقلنة والحداثة.والحل الوحيد لهذا التناقض الحاد هو تجاوز المنظورات التقنية والعودة إلى النواة الصلبة المتمثلة في الدور الحضاري للمدرسة لصياغة تعاقد استراتيجي بين الدولة والمجتمع، وهذا ما عبر عنه بيان 31 ماي للنقابة حين أكد أن " التعليم قضية وطنية".

 

3 – علامات واقعية.

 

1-3 : إبان أي نقاش حول إصلاح التعليم، نكون أمام أثر عكسي داخل المجتمع، فعوض الإصلاح نكون في مواجهة التأزيم والارتباك، بمعنى أن مسلسل الإصلاحات المتعاقبة هي مسلسلات التأزيم المتوالية.

 

2-3 : الاصلاحات المتعاقبة التي خضع لها حقل التعليم، كانت دائما وفية لتغييب منطق التراكم والتطوير، تقدم الدولة على "الإصلاح" ولا تقوم، بل، ترفض التقييم الشامل لما سبقه، ماديا وبشريا وتربويا. بمعنى أن إصلاحاتنا لا تنتج زمنها المستقبلي، لا تنتج التحول، إنما مرتبطة بالمنطق الخلدوني كما يقول "نور الدين الزاهي.

 

3-3 : عرف المغرب خلال العقد الأخير، ظاهرة التمسح باليسار المغربي الذي علا شأنه خلال السبعينات من القرن الماضي، من طرف الكثيرين، عن حق أو ادعاء، وذلك لتلميع صورتهم وهم يلتحقون بضفة الدولة وأحزابها. وإذا تركنا الجانب السلبي جانبا، وتأملنا جوهر الظاهرة، فإن مرحلة السبعينات تمثل النموذج المشرق لجيل عانق القضايا الكبرى للوطن، ومنها قضية التعليم والمؤسسة التعليمية.

 

4-3 : إن المتعلم المغربي الراهن أصبح بدون ثقافة، وبالتالي أبعدت المدرسة والجامعة عن دورها التنويري، تحطمت صورة المثقف، وتراجعت الثقافة، وأصبحنا أمام مدرسة نقيضة كليا للمدرسة الثقافية التي يتغياها كل حامل مشروع مجتمع حداثي وتنويري.

 

5-3 : إن الهدف الحقيقي للإصلاحات السابقة هو الوصول إلى تثبيت وضعية السلم الاجتماعي، وحشر المؤسسات التعليمية في زاوية " السميك SMIC المعرفي " الأمر المناقض تماما لدورها في نشر المعرفة والحرية، انسجاما مع رياديتها المجتمعية.

 

6-3 : الإصلاحات السابقة بقيت وفية للسياق الكوني في جانبه السلبي المدمر لكل ما هو مقاوم في المجتمع، والأهداف غير المعلنة تدمير المعرفة والعلم. وفي القلعة الأساسية، المدرسة العمومية.

 

7-3 : كنا دائما أمام خطاب الفعالية والجودة وتشجيع المبادرات الخاصة، خوصصة التعليم، والهدف غير المعلن هو اختزال دور المدرسة في التعليم الأساسي وإزالة المجانية، وتشجيع التعليم التقني.

 

8-3 : قدمت العولمة كانفتاح عن العالم في حين وجدنا تعليمنا دائما محاصرا ومدفوعا إلى الانزواء. الخدعة الايديولوجية التي صاغتها الدوائر الإمبريالية هدفها توفير المناخ المناسب لجولان الأقلية في العالم ورمي أغلبية البشرية إلى حلبة المستهلكين، بقاعدة " مستثمرين ومستهلكين ". فلم يسبق أن كان العالم محاصرا كما هو الوضع اليوم، في الوقت الذي يفيض فيه الكلام عن "عالمية العالم" يقول محمد الدكالي، ويضيف " إن الخطر الذي يهدد البشرية هو أن يصبح العالم عالمين : نخبة تملك المعارف والتقنيات، وجماهير من البلهاء". إن الخطر الحقيقي للمنظور التسليعي لحقل التربية والتعليم هو الوقوع في فخ "ما دام الشغل منعدما فلا حاجة إلى المدرسة".

كل ما سبق مرتبط بنقاش ساد العقد الأخير، فما التحيين الممكن لكل ذلك اليوم؟

 

4- في مواجهة الإشراك المفرَغ...

 

1-4 : خطوة جزئية مهمة أقدمت عليها وزارة التربية الوطنية، متمثلة في دعوة الفرقاء النقابيين محليا ووطنيا لحوارات وإبداء الرأي حول مستلزمات إصلاح التعليم. والخطوة لن تنتج المأمول منها، وستبقى فارغة من أي تطور، إن لم تنضبط لمضمون واضح ومحدد من حيث زمن إقراره، وتموقعه الواضح داخل الهوية الوطنية المغربية الواقعية، والتعاقد الشفاف والمسئول على أن التعليم حقل الديمقراطية بامتيياز في علاقة الدولة بالمجتمع.وقد شكل إشراك الفاعلين الحقيقيين أحد مرتكزات القراءة النقدية للبرنامج الاستعجالي، والتي قدمها الأخ علال بلعربي باسم النقابة الوطنية للتعليم.وتم تأكيده في بيان 31 ماي.

 

2-4 : إن اعتبار "التعليم قضية وطنية" يستلزم/يفرض تعاقدا واضحا وصريحا أساسه إقرار الدولة بكل الحقائق التي صاحبت الإصلاحات السابقة، خصوصا الميزانيات المالية الضخمة التي صرفت بدون جدوى، أيضا، الوقوف على حقيقة كل الخطوات اللاتربوية التي عانى ويعاني منها أبناء الشعب المغربي( كثانويات التميز على سبيل المثال).

 

3-4 : العنصر السابق يحيل على مرتكز آخر من مرتكزات القراءة النقديةالمشار إليها سابقا، والمتعلق بالتوزيع العادل للمعرفة على أبناء الشعب المغربي، والذي يمكن من الإنخراط الواعي في عملية الاستنهاض الحضاري للمغرب، فتاريخ المغرب هو تاريخ شبيبته، فلنمكنها من وسيلة صنع مستقبل الوطن، فليست المسألة مسألة مشروع تنموي تقني أو رمزي، بل، الأمر يتعلق بمشروع تأهيلي للمجتمع لدرء مخاطر التهميش النهائي.

 

4-4 : الفقرة السابقة تدفع في اتجاه تغيير منطق تركيب الأولويات إن توفرت حقا وحقيقة الإرادة الفعلية لإنجاح ورش التعاطي مع معضلات الحقل التربوي التعليمي، ما يفرض التعاقد مسبقا على ما يلي : تعليم عمومي قوي مجاني لجميع أبناء المغرب، ديمقراطي العلائق، أفقيا وعموديا، مرسخ لقيم الحرية والنقد والعدالة الاجتماعية.

 

5-4 : إن الحقل التعليمي العمومي المغربي أمام لحظة دقيقة اليوم، فإما أن تكون فارقة في تاريخ تمرحلات المدرسة المغربية وإما أن تكون استمرارا لمنطق المراحل السابقة، وللتقدم لا بد من تبني قطائع مع الماضي، والأخيرة تستلزم وعي انعدام تعدد الخيارات، فليس هناك إلا خيار واحد ووحيد هو : الإصلاح الجذري للمنظومة التربوية.

 

5- قطائع ومنطلقات.

 

1-5 : في الجزء الثاني من هذا العرض، تم التأكيد على أن الحل الوحيد الممكن للتناقض الحاد بين التعليم الصانع الباني للمجتمع والإصلاحات الشكلية هو العودة إلى النواة الصلبة لمضامين المدرسة العمومية، وأولى تلك المضامين كون التعليم إستثمار مالي لربح مجتمعي نهضوي، ما يعني القطع والقطيعة مع مقولة "التعليم عالة على المجتمع" لأنها مقولة أيديولوجية تنتج تنميطا قيميا للمدرسة باعتبارها موقع هدر للمال بدون آفاق. والخلاصة كالتالي : التعليم استثمار مالي لقيادة المجتمع، ولـمحمد علي قولة مشهورة هي : الأمة العالمة أسلس انقيادا من الأمة الجاهلة.

 

2-5 : تمت الإشارة في الجزء الثاني من هذا العرض إلى اندفاع مجموعة من "الباحثين" إلى الدفاع عن منطق الخلط بين المنطلقات والتدابير الإجرائية بخدعة امتلاك المهارات، ونراهم يطيلون التفصيل في الخطاطة التالية :

ا – المنهاج  : الأنشطة والبرامج -خطة مستقبلية- الأهداف.

ب- المنهج  : الآليات والوسائط والامكانيات للتعلم الجيد.

ج- المنهجية : سيرورة العملية الإجرائية بين المرسل والمتلقي.

د- البرنامج  : جميع الإجراءات العملية والمشاريع التربوية.

إن العناصر السابقة متظافرة تنتج العملية البيداغوجية.

لا يمكن إلا الإقرار بالسلامة المفهومية لما سبق، لكن الإشكال كالتالي : إنها متكأ مختلف الإصلاحات التي عرفها حقل التعليم سابقا، ومع ذلك، نجد أنفسنا أمام تكرارية الفشل، أين العطب؟ إن العطب منطلقاتي وليس مفهومي وإجرائي على أهميته. فيجب القطع والقطيعة مع فكرة الخبرة والتقنية بديلا للفكر والأيديولوجية بمضمونها العلمي.

 

3-5 : إن المطلوب من حيث المنطلق هو التالي :

- توطين العقل فلسفيا وعلميا.

- ترسيخ القيم إحساسا وإبداعا وسلوكا.

- دعامات الفضاء العام بدل الفضاء المغلق داخل المجتمع، أي مدرسة بإشعاع اجتماعي.

- الإقرار بمركزية مؤسسات العلوم الإنسانية.

إن التوطين والترسيخ والتدعيم ومركزية العلوم الإنسانية هي مفاتيح الولوج إلى المستقبل صوب وطن العلم والمعرفة.

إن الوضع يستدعي استيعاب دروس الماضي البعيد، دروس ثورة الميجي اليابانية، وبعثة محمد علي المصرية، وبعثات الحسن الأول، ونتائج كل منها، وبالمقابل تأمل تعامل الغرب المسيحي مع الفيلسوف الإسلامي الكبير ابن رشد، وكيف تخلوا عن إبن ديانتهم طوماس الأكويني(Thomas d'Aquin)، ما دام تفسيره وشرحه لأرسطو مثالي مدافع عن الكنيسة، وانتصروا لابن رشد وأسسوا له مدارس سموها بالمدارس الرشدية لأنه فسر وشرح أرسطو بمنطق واقعي عقلاني، واستحق بحق أن يكون أبو الحداثة الأوروبية.

 

إشارة :

    لا بد من العودة إلى :

 

1- وثائق الندوة الوطنية التي نظمتها ك.د.ش بتاريخ 29-30 ماي 2004 حول المدرسة العمومية ورهانات التنمية.

2- القراءة النقدية للبرنامج الاستعجالي التي قدمها الأخ علال بلعربي باسم النقابة 2012/2009.

3- بيان المجلس الوطني ل ن.و.ت المنعقد في 31 ماي حول إصلاح التعليم.

 

 

 

ملحوظة:   قدم العرض بتاريخ 21-06-2014 بمقر ك د ش

محمد صلحيوي

محمد صلحيوي

Partager cet article
Repost0

commentaires

Présentation

  • : ghafriyat غفريات
  • : Agis et ne laisse personne décider à ta place, tu es maître de ta vie et de tes choix
  • Contact

Recherche