Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
19 novembre 2012 1 19 /11 /novembre /2012 15:31

 

 

التغيير الديمقراطي والبرنامج السياسي

أطروحة عبد السلام المودن

عرض : محمد صلحيوي

 

      الشكر الجزيل لكل الرفيقات والرفاق، بمختلف مواقعهم التنظيمية، على جهدهم لتوفير كل الشروط لإنجاح هذه الجامعة، ولهم الامتنان على توفير  فرصة النقاش والتداول في موضوع "التغيير الديمقراطي والمهام الملقاة على عاتق اليسار المغربي"، والمصادفة رائعة وجميلة، أن يكون موعد الجامعة، بعد أيام من اليوم الخامس من نوفمبر، المخلد للذكرى العشرين على رحيل الفقيد عبد السلام الموذن، فما أجمل اللقيا من غير ميعاد، كما يقول نزار قباني، وقد كانت حياة المودن القصيرة، نضالا مستمرا من أجل التغيير، وكانت الديمقراطية شغله الفكري والأدائي، خلال العقد الأخير من حياته، وقد لخص أطروحته بصددها كما يلي:

" إن أطروحتي هي التالية: لقد حدثت تحولات طبقية عميقة في بنية المجتمع الرأسمالي المغربي، أصبحت تفرض موضوعيا إقامة علاقة ديمقراطية حقة، بين المجتمع المدني والدولة السياسية " (1) وكان عليه التصدي الجدالي لجملة قضايا نظرية وسياسية مؤسسة/ مرتبطة بالأطروحة، منها، الديمقراطية وثنائية  "إصلاح أم ثورة".

تاريخية الطرح الديمقراطي..

إن المفكر المناضل المسكون بطموح وحدة اليسار، لا يمكنه إلا أن يكون مبدئيا، طرحا وحجاجا، وهذه هي حالة المودن، فلما رأى وتيقن من تأخر بعض تيارات اليسار السبعيني، أو اليسار الجديد، في استيعاب المدلول التاريخي/ الاجتماعي للديمقراطية مغربيا، اضطر لإعمال النظر والفكر الجدلي، لكشف المضامين السطحية والتبسيطية لليسراوية، إذ أكد ".. يجب إعادة الاعتبار للتاريخ، والتاريخ المقصود هو تاريخ صراع الطبقات، لا تاريخ الأفكار، لأننا، يمكننا فهم الثاني بواسطة الأول، ولا يمكننا فهم الأول بواسطة الثاني.. إن أي تحليل لقضية الديمقراطية، يسعى أن يكون علميا، لا بد له أن ينطلق من هذا المنطلق: تحديد طبيعة المرحلة التاريخية الراهنة ، التي يمر منها تطور المجتمع المغربي موضوعيا... بيد أنه لا يمكننا فهم طبيعة المرحلة التاريخية الراهنة، فهما شموليا ملموسا، إلا إذا فهمنا في نفس الوقت، المرحلة السابقة لها، و فهمهما كوحدة أضداد. " 2- إن هذا الفهم العميق للمرحلتين هو الذي يمكننا من الإمساك بالملموس في شموليته، فما هي طبيعة المرحلة .. بعد الاستقلال؟

وضع المغرب بعد حصوله على الاستقلال على سكة التطور الرأسمالي، اعتبارا للقوى السياسية المؤثرة، آنذاك، لذلك فالتوجه كان حتميا للمجتمع المغربي صوب الرأسمالية. ويؤكد المودن أن هناك رأسمالية ورأسمالية. كان المغرب أمام تطورين متناقضين للرأسمالية:

التطور الرأسمالي الإصلاحي والذي يقوم على:

تحديث الهيكلة العقارية- تحويل الإقطاع إلى الرأسمالية الزراعية الكولونيالية – ممثلها السياسي هي طبقة البورجوازية العقارية .

ب- التطور الرأسمالي الثوري الذي يقوم على:

التصفية الجذرية لكبار الملاكين ومصالح الرأسمال الامبريالي، سنده السياسي الطبقة الوسطى المتحالفة مع الطبقة العاملة .

إن الإشكالية الاقتصادية الاجتماعية إذن هي تناقض الرأسمالية الإصلاحية مع الرأسمالية الثورية. والإشكالية السياسية هي الإصلاح أم الثورة.

إن هذا الشعار هو الذي أطر الصراع السياسي المرير والمؤلم لمغرب ما بعد الاستقلال، وكان اليساري الحقيقي والثوري كما يقول المودن هو الذي يتبنى بكل فكره وانفعالاته شعار "إصلاح أم ثورة" لأن أي طرح للديمقراطية آنذاك يكون طرحا تمييعيا للصراع، لأنه إقحام مجرد لا تاريخي.

إن انتقال البورجوازية الكبيرة من برجوازية الدولة إلى برجوازية الطبقة القائمة بذاتها، يعني أن التاريخ قد طوى صفحة وفتح أخرى، ما يعني انقلابا حقيقيا للمعطيات، إن النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي هي الفترة التي نضجت فيها شروط انتصار الخط الإصلاحي على الخط الثوري الرأسمالي، وهي الفترة التي يمكن القول بصددها  أن الرأسمالية المغربية قد انتقلت إلى الرأسمالية الطبقة وبالتالي أصبح شعار" الإصلاح أم الثورة " شعارا متجاوزا موضوعيا وتاريخيا، وأدخلت التناقضات الاجتماعية المغرب إلى مرحلة النضال من أجل الديمقراطية، وقد وجه عبد السلام المودن نقدا لاذعا لبعض اليساريين الذين ما زالوا متشبثين بشعار إصلاح أم ثورة قائلا " إن بعض المناضلين اليساريين، يعتبرون أنفسهم ثوريين، لأنهم لازالوا  متشبثين بشعار إصلاح أم الثورة، وفي الحقيقة، إنهم بموقفهم هذا، المتخلف عن حركة التاريخ الموضوعية، إنما يبرهنون بهذا، عن جهلهم الفظيع بجدلية التاريخ، التي تقلب الأشياء إلى أضدادها" 3 – فهل أصبحت طريق الديمقراطية سالكة أم أنها مدار صراع بين طبقات المجتمع المدني؟...

مأزق الديمقراطية المغربية..

إن الجواب على السؤالين... في نهاية الفقرة السابقة، هو التالي: جواب السؤال الأول بالنفي، وجواب السؤال الثاني بالإيجاب، لنتدرج في طرح القضية.

      يقول المودن " إن الخاصية الجوهرية التي ستطبع المرحلة التاريخية الحالية والقادمة، هي احتلال المسألة الديمقراطية ستحتل موقع الصدارة، و هذا لا يعني بأن المستقبل القريب سيكون لصالح تحقيق مكتسبات في هذا الميدان، إنه يعني فقط بأن كل الصراع الاجتماعي والسياسي، سيتركز في نقطة واحدة هي قضية الديمقراطية"4  من هنا تطرح مسألة الانفتاح والانغلاق التي ميزت سلوك الدولة منذ الاستقلال..؟ خصوصا إذا أردنا فهم عمق حالة الإستثناء و انتفاضة 23 مارس 1965، ورد الدولة عليها، كذلك رد الدولة على انتفاضة 20 يونيو 1981، وما بينهما، وما بعدهما، من انفتاحات وانغلاقات. يقترح المودن منهجا لفهم ما جرى واقعيا.

" ماذا يعني هذا؟ هل ان كل محاولة لخلق نوع من الانفتاح السياسي لا بد وأن تصطدم بطريق مسدود؟ وأنها محكوم عليها مسبقا بالفشل؟ الجواب عن هذا السؤال باعتقادي يتطلب : ليس النظر لكل محاولة للانفتاح كتجربة مستقلة قائمة بذاتها، حيث يتعين البحث عن عوامل الفشل والاختلال من داخل التجربة الخاصة نفسها، وإنما بالعكس، يقتضي وضعها في إطار مستوى التطور الذي بلغه المجتمع المغربي في هذا الوقت أو ذاك ،وبالتالي تحديد الموقع التاريخي لكل تجربة، في علاقات الصراع الطبقي الشامل" 5 انطلاقا من ذلك يمكن القول أن مجريات التجربة البرلمانية الأولى التي عرفها المغرب، تجربة 63-65 كانت الصيغة السياسية لمشروع الدولة الاجتماعي، إذ من المعروف أن الأطراف المؤثرة بعيد الاستقلال هي:

الحركة الوطنية والبرجوازية الكبيرة.

الإقطاع والملاكين العقاريين.

الحكــــــم.

وكان هناك مشروعان متصارعان: مشروع الحركة الوطنية التقدمي والمشروع الإقطاعي الرجعي ، وقد فشلا معا، إذ لجأت الدولة إلى شقهما معا، والوصول إلى مشروع ثالث وهو مشروع تحالف جزء من الإقطاع المتفتح على التقدم الرأسمالي والبورجوازية الكبيرة، إن البرلمان الأول جاء كمؤسسة سياسية لهذا التحالف والمشروع الجديد، مع وجود المعارضة وهنا، يوجه عبد السلام المودن نقدا عميقا للحركة الوطنية والتقدمية، والتي اعتبرت دائما أن قرار فرض حالة الاستثناء كان نتيجة قوتها السياسية، ونجاح دورها، وبالتالي فرض حالة الاستثناء قصده حرمان المعارضة من هذه الواجهة. ولعبد السلام المودن مأخذان جوهريان على ذلك الطرح :

إن القبول بالمشاركة والتواجد في البرلمان في مرحلة مؤطرة بثنائية اصلاح أم ثورة، هو من الأخطاء الكبرى التي يمكن لحركة سياسية ارتكابها، وقد ارتكبت الحركة الوطنية والتقدمية هذا الخطأ.

عدم استيعابها المشكلة الطبقية للدولة، إذ  أنها –الدولة- لم تكن تستند على طبقة قارة ومتجانسة، وما يفسر ذلك تحول الأغلبية الى معارضة للحكومة خلال عرض القوانين(6) والمفروض فيها أن تكون طيعة ومساندة. ان تفتت قاعدة الدولة الطبقية هي السبب المادي الموضوعي الذي أدى الى اعلان حالة الاستثناء، وكان الغرض العميق من وراء ذلك اعادة ترتيب وضعية القاعدة الطبقية. وقد اتضح هذا بجلاء من خلال القوانين والمشاريع خلال فترة الاستثناء. إلا أن هذه الحالة لم يعد ما يبررها أواسط سبعينيات القرن الماضي، بعد ان تم انجاز ما تتطلبه الرأسمالية المغربية، فتم رفع حالة الاستثناء، وجاء البرلمان الثاني ووقعت القوى الديمقراطية والتقدمية مرة أخرى في خطأ التقدير الموضوعي، واعتقدت أن الانفتاح حقيقي وأن طرح قضية الصحراء موجهة. وجوهر العطب الذي تعاني منه القوى التقدمية، لا يتعلق بالانخراط في المسلسل الانتخابي(جماعيا،برلمانيا) بل بالرؤية الموجهة للنضال الديمقراطي، إن 20 يونيو 1981 و14 دجنبر 1990 تؤكد ذلك، إذ كشفتا  أن الرأسمالية المغربية من أكثر الرأسماليات تخلفا، اعتبارا لنشاطها ودورها الاقتصادي، الدور الذي خلق فوارق طبقية مهولة، وهي غير قادرة على تقبل حد أدنى من التوافق السياسي(7)، ومن ذلك كان الانفتاح السياسي مؤقتا وانتقاليا، لم يدم طويلا، وكان دور القضية الوطنية مجرد انطباع. من كل ذلك يتضح أن المأزق الحقيقي للديمقراطية في هو المغرب، من جهة، وجود طبقة حاكمة غير منتجة اقتصاديا، ولا تملك رؤية لاقتصاد وطني قوي، وتعتمد على جهاز الدولة للهيمنة. ومن جهة أخرى قوى ديمقراطية وتقدمية لا تملك تصورا عميقا للديمقراطية، والواقع الموضوعي يتطلب ديمقراطية حقيقية إصلاحا جذريا. واعتبارا لذلك، فان النضال الديمقراطي يشكل الحد الأدنى بشعاراته للصمود وتحمل الصعاب.

إشكالية البرنامج السياسي :

إن الخلاصة الأساسية من العنوانين السالفين هي التالية:

إن المرحلة الأولى المؤطرة تاريخيا وموضوعيا بشعار "إصلاح أم ثورة"، لم تستطع خلالها القوى الوطنية التقدمية فرض اختيارها السياسي، وفي المرحلة الثانية المؤطرة بشعار الديمقراطية، لم تستطع بعض تيارات اليسار الجديد إدراك جوهرها الموضوعي التاريخي. والدولة سائرة على طريق اختيارها. ماذا يعني كل هذا؟

الجواب على السؤال يمر عبر النقد المزدوج لعبد السلام المودن للأحزاب التي ستشكل فيما بعد الكتلة، وفي نفس الآن تيارات داخل اليسار.

حزب التقدم والاشتراكية: إن أزمته تكمن في دوغمائيته، وعدم إدراكه عدم وجود بروليتارية متطورة، وأن ما يعرفه المجتمع المغربي هي الكتلة البروليتارية. (تحالف العمال والفلاحين) فإما أن يقوم بثورة إيديولوجية أو أن  يتحول إلى دولب من دوالب المجتمع.

الاتحاد الاشتراكي: سبب أزمته توفيقيته بين البورجوازية الصغيرة العريضة والبرجوازية المتوسطة، والتوفيق في السياسة هي المقتل.

حزب الاستقلال: حزب البورجوازية المتوسطة، ذات الطموحات للارتقاء، من هنا تذبذبه، وتعاونه مع السلطة، ومعارضته في نفس الآن.

منظمة العمل الديمقراطي الشعبي: عجزها موضوعي غير ذاتي، ناتج عن قصر مرحلة تحول الرأسمالية المغربية، ويمكن أن يتحول إلى عجز ذاتي إذا لم تغير خطها السياسي وهي مرشحة لأداء دور نضالي حقيقي.(8).

أما نقده للتيار العدمي فيتلخص في كون دوغمائيته تأخذ الثوروية اللفظية  سياسيا، لأنه لم يدرك أن أساس الحزب الثوري في المغرب وطني غير طبقي لوجود طبقة عاملة معاقة التطور(9) .

وانطلاقا من ذلك فان محددات البرنامج السياسي هي: أن البرنامج السياسي هو الصياغة النظرية التركيبية المكثفة، الملموسة لا المجردة، لمجمل جوانب تناقضات المرحلة العليا لتطور الرأسمالية المغربية. والمحدد الثاني هو التطبيق العملي للبرنامج والخاضع بالضرورة لميزان القوى.

والنقاط البرنامجية هي:

-إطلاق الحريات- انتخابات حرة ونزيهة- السلطة الكاملة للحزب الذي حصل على الأغلبية في تطبيق برنامجه.

 اقتصاديـــا: تأميم الرأسمال الكبير الوطني والاحتكــاري.

- التصنيع وتوجيهه داخليا- الرفض الحازم لأداء الديون وتأميم الأموال المهربة.

لكن كل ذلك سيبقى حبرا على ورق دون مدخله السياسي الذي هو إصلاح النظام الملكي الدستوري (10).

وفي سياق تأطيره لعناصر البرنامج السياسي، أكد موقفه السياسي من أربع قضايا:

عزوف الحركة الجماهيرية: اعتبر الحالة أولا كنتيجة للسياسة الرسمية من تزوير الانتخابات وتمييع للعمل السياسي، إلا أنه أكد من جهة أخرى مسؤولية الأحزاب التقدمية التي بدأت تندمج في السياسة الرسمية، ما سيفقدها الارتباط مع الجماهير.

ان الملاحظة السابقة ترشح التيار الديني المنغلق لملأ الفراغ، وهو خطر على النضال الديمقراطي، مع تنويهه لوجود تيارات دينية مؤمنة بالديمقراطية يجب التعامل معها.

ان الطبقة العاملة المغربية معاقة في تطورها، ومن بين الأسباب الموضوعية، دور البرصوية النقابية، ويؤكد أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تمثل القاعدة العريضة لجماهير المنتجين، ما يستدعي دعمها والنضال داخلها.

عفوية النضال الجماهيري: إن دور الأحزاب المناضلة هو تحويل النضال من العفوية إلى التأطير، وإلا فلا معنى لوجود الأحزاب أصلا، وتغيير ميزان القوى خاضع لقدرة الحزب في صياغة موقف التغيير العقلاني .

4- ترهيـن الأطروحــة:

إن منطق الترهين يفرض الدفع بأطروحة عبد السلام المودن إلى حدها الأقصى، ذلك، للوقوف على نوعية الأرضية التي يجب أن ينطلق منها اليسار المغربي، من أجل انتصار التغيير الديمقراطي.

إن فكر المودن مشروط بمرحلته – زمنيا- وهذه المرحلة قد انتهت بانطلاق حركة 20 فبراير، باعتبارها معطى اجتماعي موضوعي حاسم في تحديد المطلوب ثقافيا/سياسيا /اجتماعيا.

إن ما كان بالأمس دولة الحق والقانون أصبح اليوم الدولة الديمقراطية، وما كان بالأمس إصلاح النظام الملكي، أصبح اليوم تغيير مضمون النظام الملكي، وما كان بالأمس تأميما وتوجيها للمال والقطاعات أصبح اليوم إسقاط الاستبداد والفساد ونظام الامتيازات.

إن العطب الذي سجله المودن في نضال الحركة التقدمية واليسارية، كونها تناضل من أجل التواجد في مواقع السلطة، وتهمش مضمون السلطة، من ذلك، فإن شعار الملكية البرلمانية، التي لاحت في أفق تفكير عبد السلام المودن هي أساس بناء اليسار، وأي كلام عن الملكية البرلمانية كأفق قادم، أو تخريجات لفظوية أخرى، ما هي إلا تبديد للنضال الذي دشنته حركة 20 فبراير.

 

                                                           الناظور في 14-11-2012

 

 

 

 

 

Partager cet article
Repost0

commentaires

Présentation

  • : ghafriyat غفريات
  • : Agis et ne laisse personne décider à ta place, tu es maître de ta vie et de tes choix
  • Contact

Recherche